العودة إلى الحياة
من الممكن في كثيرٍ من الأحيان أن يتعرَّض الشخص لحادثٍ مروريٍّ في سيّارته أو كواحدٍ من بين المارّة، ويتحمّل نتيجة ذلك بعددٍ من الأوجاع والإصابات.
منذ سنوات، كنت أسير في الشارع حين ارتطمت بي سيّارةٌ مسرعة؛ أخفيتُ حينها ألمي أمام أعيُنِ والديَّ رغم جمر الوجع الذي كان يحرقني في داخلي… تأذّيتُ يومها ودخلت المستشفى، ولكن لم يكن في بالي إلاّ سؤالٌ واحدٌ في تلك اللحظات: ما هي الرسالة التي يجب أن أفهمها؟ ولماذا لم يُغيِّبْني الموتُ حينها!؟
مرّت الأيّام وزاد العمر سنواته في رزنامة حياتي وأصبحتُ أقود سيّارتي وأحبّ القيادة كثيرًا. منذ بضعة أشهر إنزلقت سيّارتي في يومٍ عاصف، وتعرّضتُ لحادثٍ قاتل، لا أدري كيف خرجتُ منه على قيد الحياة. كان كلُّ من يرى سيّارتي يقول حتمًا توفيَّت، “أكيد ماتت”، في حين أنّه وللمفارقة الغريبة لم يُصبْني أيُّ مكروه… مجدّدًا، رحتُ أطرح على نفسي السؤال عينه، لماذا لم يأخذ الربُّ أمانتَهُ؟ أتاني الردُّ بلمحة بصر، كانت قد أصيبَت أختي الصغيرة، فتاة الثماني سنوات، بمرض السرطان وانتقلت إلى الأحضان السماويّة منذ سنتين ونيّف، فهمت أنّ هناك مشروعًا عليّ إتمامه، وأنّ هناك رسالةً يجب أن تصلَ من خلال أختي للمتألّمين، فأسّست مع فريقٍ متماسكٍ جمعيّةً تحمل اسمَها… كان هذا هو الجواب!
تكون أحيانًا رسائلُ الربّ مبهمة، لا نستوعب فحواها ولا مغذاها، ولكنّنا حين نربط الأحداث ببعضها في معركة حياتنا هذه، نتمكّن من فَهْمِ عِبَرِها ونقرأ ما بين سطورها، فتتجلّى لنا من بين ركام الأحزان نورًا يرافق مسيرتَنا.
علِّمنا يا ربّ أن نسلكَ دربك، مجرَّدين من الخوف، مسلَّحين بالإيمان، فأنت الشراع الذي يقودنا إلى البَرّ. علّمنا أن نشقَّ دربنا في بحر الحياة الهائج، فنكون، في كلّ مرّة، شاكرين وممتنّين ليدٍ رَبَّت على كتفَيْنا، وذراعٍ اتْكّأنا عليها…
إيزابيل ريشا
Spread the love