الرياضة للجميع… والعمر مجرّد رقم

في زمنٍ تكثرُ فيه الأعذار، وتُختزَل فيه الرياضة في عمر الشباب فقط، إلتقت مجلّتنا، مجلّة المدينة الجديدة، بامرأةٍ إستثنائيّة، الأستاذة سلوى طوبيا، التي كسرت الصورة النمطيّة، وأثبتت أنّ الشغف لا يعرف تاريخ ميلاد. في هذا اللقاء، تحكي لنا بطلة التنِس المصريّة والتي تخطّت الستّين من العمر، رحلتها من الحلم إلى التتويج، متحدّيةً الزمن وكلّ العقبات!

كيف بدأت علاقتك بالرياضة؟ وهل كانت التنس هي البداية؟
منذ صغري، كانت الرياضة جزءًا من حياتي، لكنّ قلبي كان دائمًا معلّقًا برياضة التنِس الأرضيّ. الغريب أنّني لم أبدأ ممارستها إلا في سنّ الخامسة والأربعين! لم تكن مجرّد هواية، بل تحدٍّ جديدٍ خضتُه بكلّ حماسة، وشيئًا فشيئًا تحوّل هذا الشغف إلى احترافٍ ملأ أيّامي بالحيويّة والمنافسة.

خمسٌ وخمسون سنة وها أنتِ تبدأين خوض البطولات! هل كان الأمر سهلًا؟
أبدًا لم يكن سهلًا، لكنّه كان يستحقّ كلَّ جهد. بدأت أشارك في البطولات المحليّة، وفزت بالمركز الأوّل في بطولة الجمهوريّة لروّاد التنِس لأربع سنواتٍ متتالية. ثم توسَّعَت دائرة المنافسات إلى خارج مصر، فشاركت في بطولاتٍ عربيّةٍ في العراق ولبنان والأردن.

أخبرينا عن آخر إنجازٍ لكِ في هذا المجال؟
آخر محطّاتي كانت في بغداد، في فبراير الماضي، حيث شاركتُ في بطولةٍ للسيّدات فوق الستّين عامًا. كانت مباراة النهائيّ أمام بطلة العراق، وقد كانت مباراةً رائعة، جمعت بين المنافسة والاحترام. الحمد لله، فزت بالكأس ورفعت درع البطولة الكريستاليّ، إلى جانب ميداليّةٍ ذهبيّةٍ ستظلّ ذكرى عزيزة في قلبي.

ما الذي ميّز هذه البطولة عن غيرها؟
كانت تجربةً عالميّةً فعلاً! شاركت فيها ١٩ دولة، وأُقيمَت في نادي الصيد ببغداد في أجواءٍ من التآخي والروح الرياضيّة العالية. بعد عودتي إلى مصر، أقيم حفلُ تكريمٍ لي في نادي الشمس، حيث منحني رئيس النادي شهادة تقدير، وشعرت وقتها كم أنّ كلَّ لحظة تعبٍ هي ثمينةٌ للغاية.

ما الرسالة التي تريدين إيصالها من خلال هذه الرحلة؟
ببساطة، إنّ العمرَ مجرّد رقم! لا يوجد شيءٌ اسمُه “فات الأوان”، طالما هناك شغفٌ وهناك إرادة. الإنجازات لا ترتبط بالسنّ، بل بالإصرار، وبالعمل الجاد، وبالثقة بالنفس. كلُّ إنسانٍ قادرٌ على أن يبدأ من جديد ويحقّقَ المستحيل، متى ما آمن بنفسه.

وهل هناك بعدٌ إنسانيٌّ أيضًا في هذه التجربة؟
بالتأكيد، فمشاركة قصّتي هي أيضًا دعوةٌ للمحبّة والتضامن. علينا أن نُلهمَ بعضنا البعض، ونشجّع بعضنا البعض، لا أن نحبط الآخرين أو نضع قيودًا لهم. وما يميّز الرياضة هي الروح، الروح الرياضيّة، روح التنافس الإيجابيّ، والحثّ على التدريب المستمرّ والبدء من جديد بعزمٍ وإرادةٍ أقوى. إنّ النجاح ليس حكرًا على فئةٍ عمريّةٍ معيّنة، بل هو متاحٌ لكلّ من يقرّر المحاولة. وأريدُ كلماتي أن تهمس لكلّ من يقرأ هذا الحوار: “لم يفت الأوان… أنت قادر… إنهض وجرّب”!

ريما السيقلي

Spread the love