على الرغم من حبّنا الكبير لبعضنا، لا نزال نواجه فتراتٍ يضعفُ فيها الحوار بيننا ويسوء. تولَدُ بيننا أحيانًا أزماتٌ تصلُ إلى حدِّ الصراع ونتعبُ جدًّا لنتخطّاها. كيف يمكن أن نتجنّبَ هذه الفترات لنجعل علاقتنا أكثر ثباتًا وسلامًا؟
عندما يقرّرُ الثنائيّ العيشَ معًا، تربطهما المُثُلُ العُليا ذاتها وعهدُ الوفاء المتبادل، يكونان ما زالا في أوّل الطريق. طريقٌ جميلةٌ وجيّدة، لكنّها بحاجةٍ إلى صيانةٍ واهتمامٍ دائِمَيْن. فالتصادُمُ حاضرٌ في كلّ العلاقات، ليس داخل الثنائيّ وحسب. لا مفرّ منه، لأنّ كلَّ علاقةٍ بشريّة، تتميّز بديناميكيّة، ويجبُ أن نجدَ على الدوام توازنًا جديدًا بيننا. يبدو ذلك متناقضًا، لكنّ، الصراعات التي نتعامل معها بصبرٍ وجرأة تساعدنا على المِضيِّ قُدُمًا في علاقتنا: فنكتشف في كلّ مرّةٍ طرقًا جديدةً لتحسين العلاقة، ولا نقبَلُ بالحلّ الوسط خوفًا من مواجهة المشاكل جِدّيًّا. يقول أَيْنشْتايْن: “من دون الأزمات، لا فضل لنا ولا جدارة”. فعندما نواجهُها بطريقةٍ إيجابيّة، يظهر الخيرُ الموجودُ عند كلّ واحدٍ مِنّا. يجبُ إذًا ألاّ نخاف الأزمات في العلاقات، بل فَلْنَتَعَلَّمْ كيف نتعامَل معها، محاولين التعرُّفَ أكثر على الآخَر، لِنَستَقْبِلَهُ مع ضعفه، وفي الوقت نفسه نفكّر جدّيًّا بأسباب رَدّاتِ فِعْلِنا غير المناسبة.
الأمر الوحيد الذي يجب أن نخافَهُ هو الإستسلام، بدل البحث عن سُبُلٍ جديدةٍ لبناء الحوار أو إعادة بنائه. والأهمّ هو أن نؤمِنَ أنّ الآخر هديّةٌ لنا، هديّةٌ خفيّةٌ أحيانًا، علينا اكتشافها، لكنّها في كلّ الأحوال تحملُ غنًى غير متوقّع.
علّمنا اختبارَنا الشخصيّ أهمّيّةَ أن نتكلَّمَ عن الأزمة، ولكن، بعد أن تكونَ النفوسُ قد هَدَأَتْ، وبلهجةٍ هادئة بعيدةٍ عن الإنفعال أو الإتّهام المتبادل، لا بل نحضن الآخر داخليًّا كي لا يشعرَ أنّه سبب الألم الذي نشعر به، لأنّنا ندركُ أنّ في العلاقات كلّنا مسؤولون بنسبٍ متساوية.
ماريّا وريمندو سكوتّو