الزواج ليس عمل رحمة
أُلاحِظُ أنّ خطيبي الذي أُحبّ يغارُ جدًّا، وبشكلٍ مُفرَط. يريدُ السيطرة على كلّ ما أفعَلُه. بدأتُ أشعر أنّه يُقيّدُ حرّيتي وخياراتي. سؤالي هو: إذا كان يتصرّفُ هكذا الآن، أي بعد بضعة أشهرٍ من ارتباطِنا، فماذا سيفعل بعد بضع سنوات؟
أعتقد أنّ هذه الغيرة القويّة يُمكنُ أن تُعيقَ فعلاً بناءَ علاقةٍ متينةٍ بينكما، لأنّ العلاقة المتينة تُبنى على الثقة المتبادلة. قليلٌ من الغيرة يُمكِنُ أن يكونَ مُفيدًا للحُبّ، لكنّ الغيرةَ الزائدة يُمكنُ أن تُدَمِّرَهُ وتُدمِّرَ الثنائي، لأنّ الذي يغار بهذه الطريقة يريدُ أن يُسيطرَ كلّيًّا على الآخَر ويَسْتَمْلِكَه. إنّ الوحدة بين الزوجَيْن لا تعني أبدًا الذوبان، بل الشَرِكة. فبالشَرِكة ينمو كلُّ واحدٍ شخصيًّا باختلافه عن الآخَر وبحرّيّةٍ تَتَّسعُ دائمًا أكثر وتفتحُ آفاقًا جديدة. كما أنّه إذا كان كلُّ واحدٍ من الزوجَيْن يتّكلُ كلّيًّا على الآخَر ولا يستطيع أن يقومَ بشيءٍ بمفرده، فهناك خطرٌ كبير: إذا انهار الأوّل سينهارُ الثاني معه. ينجحُ الشخصُ في زواجه عندما يقدرُ أن يبقى “واقفًا” حتّى لو انهارَ شريكُ حياته.
غَيْرَةٌ كَغَيْرَةِ صديقك تدلُّ على نقصٍ كبيرٍ في تقدير الذات. هذا النقص يجعلُ الإنسان يرى في كلّ شخص مُنافسًا أو عدوًّا، ويشعر في اللاّوعي أنّه أدنى من الآخرين، ولا يَسْتَأهِلُ أن يحظى بِحُبِّهم له. خَطيبُكِ يحتاجُ إلى مساندةٍ مُستمّرة، يحتاجُ أن تُعبّري له عن تقديرِكِ وتُسلَّطي النورَ على صفاتِه. لكنّي أظنُّ أنّه بحاجةٍ أيضًا إلى مساعدةِ مُعالِجٍ نَفْسيّ. لهذه الأسباب ستطلبُ منك فترةُ الخطوبة قوّةً روحيّةً كبيرة، نوعًا من البطولة. ولكن، تذكّري أنّ الزواجَ ليس عَمَلَ رحمة. لا نتزوّجُ من شخصٍ لأنّه بحاجةٍ إلينا وحسب!
أنصحُكِ أخيرًا أن تُشاركي مشكلتك وتساؤلاتِكِ مع أشخاصٍ جديرين بالثقة قد يُساعِدونَكِ بالتمييز، فَتُدْرِكين إنْ كان عليكِ أن تُتابعي الطريقَ مع صديقِكِ أم لا.
المدينة الجديدة