“يمكننا بالطبع التمييز بين الموارد الإقتصاديّة والموارد الطبيعيّة، فالمورد الطبيعيّ هو الذي خلقه الله، مثل المياه، والصحراء، والآبار والبترول… أمّا الموارد الإقتصاديّة فهي التي يجدها
المجتمع، لتلبّيَ احتياجات البشر التي لا تنتهي. لذا كان علم الإقتصاد. يدرس هذا العلم في الدرجة الأولى إدارة الموارد النادرة بشكلٍ فعّالٍ وحكيمٍ حتّى يحقّقَ إشباعًا تامًّا لكافّة عناصر المجتمع. وبالتالي، إنّ بلْورة عناصر الإنتاج هي الأرض، والعمل، ورأس المال، والتنظيم.
الأرض: للمشروعات وهي التي نقيم عليها الحياة الإقتصاديّة.
العمل: خبراء وموظّفون يؤدّون العمل لإنتاجِ مُنتجٍ مُعيَّن.
التنظيم: الإدارة الكبرى التي تُهَيْمِن وتخطِّط وتضع السياسات حتّى تصل لمُنتجٍ نهائيٍّ يُرضي جميع الأفراد.
وأٌدخِلَ على عِلم الإقتصاد بندٌ اسمه “تكنولوجيا”، وهي التي سرّعت التطوّر، ولبّت في وقتٍ قصيرٍ رغبات ناسٍ كُثُر. فهي هيّأتْ السُبُل بوسائِلَ معرِفيّةٍ نُطبّقها على العمل لنحصُلَ على مُنتجٍ رائع.
هناك إقتصادَيْن أساسيَّيْن لكلّ دولة: إقتصادٌ جزئيٌّ وإقتصادٌ كُلّيّ :
– الإقتصاد الجزئيّ يدرس في مقامه الأوّل الفرد الواحد والشركة الواحدة، مثلًا دراسة جدول وأرباح الشركة إذا كانت ستغطّي التكلفة أم لا.
– الإقتصاد الكلّيّ يدرس اقتصاد الدولة وقطاعاتها المختلفة (البترول، والسياحة، والقطاع العام، والزراعة والصناعة)، فكلُّ قطاعات الدولة مجتمعة، تؤدّي إلى اقتصادٍ كلّيّ، وتتكامل في ما بينها.
معظم الدول التي نجحت إقتصاديًّا مثل الصين واليابان بدأت تنهض حين راحت تُصنّع ما زرعتْه، واستفادت من الواردات الخارجيّة بِحَيث أنّها أدّت لتصنيع منتجٍ ينافس المستوى العالميّ. لنأخُذ مَثلَ السيّارات: لو لم تُصنّع كوريا السيّارة، كنّا سنستوردُها من ألمانيا، إنجلترا، فرنسا وأميركا. هذه هي الدول الأساسيّة التي بدأت بتصنيع السيّارات… كوريا تعلّمت وتقدّمت بخطوة الصناعة. وهكذا هي المجتمعات، لا تتطوّر بالإكتفاء الذاتيّ، بل بالتبادل الإقتصاديّ مع باقي الدول.
الإقتصاد ليس بمعزلٍ عن باقي العلوم، إنّما له علاقةٌ بالتاريخ والقانون والسياسة والتكنولوجيا. هو عِلمٌ يبحث في كافّة العلوم الأخرى. الإقتصاديّ هو في قلب الأحداث، وكلّنا في منازلنا وزراءُ اقتصادٍ على كلّ المستويات.
هناك عشرة ألوانٍ للاقتصاد:
الإقتصاد الأزرق مثل البحار أي الثروة السمكيّة وكلّ ما يُستخدَم من البحر.
الإقتصاد الأخضر يعتمد على الزراعة والمقوّمات الزراعيّة وعلى الإكتفاء الذاتيّ للمجتمع.
الإقتصاد الأصفر يعتمد على الطاقة الشمسيّة.
الإقتصاد البنفسجيّ ظهر حديثًا سنة ٢٠١١ وبدأ يضيف طابعًا إنسانيًّا يتوافق مع العولمة. هذا الإقتصاد يُعتَبَرُ اقتصادًا عاقلاً لا يقبلُ كلَّ ما هو واردٌ من الخارج ولا يرفض كلّ ما هو آتٍ من الخارج…
الإقتصاد الأحمر حيث تسيطر الحكومة على كافّة عناصر الإنتاج. للحكومة تغطيةٌ مركزيّةٌ شاملة، تقول وعلى سبيل المثال “سنُنتِجُ قمحًا”، وهكذا يكون.
الإقتصاد الأبيَض هو المعرفيّ الرقميّ وموجودٌ في الدُوَل الأكثر تطوّرًا. تقدرالدولة أن تنتج وفق الأبحاث المكثّفة، وتركّز على المعرفة كسبيلٍ لتنمّية الإقتصاد على مدار السنوات القادمة، مرتكزةً على التطوّر المعرفيّ والعلميّ.
الإقتصاد الفضّيّ ويُطبَّق عادةّ في الدول الأوروبيّة حيث نسبة العجزة وكبار السنّ كبيرة والطاقة الشبابيّة قليلة. فالبرغم من وجود تكنولوجيا متطوّرة جدًّا تبقى اليد العاملة قليلة.
الإقتصاد الرماديّ موجودٌ عادةً في الدول النامية وهو الإقتصاد الموازي. كلّ ما هو ليس مُدرَجٌ في ميزانيّة الدولة هو اقتصادٌ موازي. وفي كلّ بيت مصنع! الإقتصاد الموازي يعاون الدولة بطريقةٍ غير مباشرة.
أمّا البنّي فهو نظامٌ يؤدّي الى تلوّث البيئة. مثل البلاد التي تنتجُ الإسمنت والحديد، فتخرج بواعث ضارّة للمواطنين.
والأسود يعتمد على الأنشطة التجاريّة غير القانونيّة، مثل السلاح والمخدّرات.
من المعايير المحدّدة للقيام بالمشروعات في كافّة الدول التالية:
• الحماية الإجتماعيّة: الشركة توفّر نوعًا من المسؤوليّة الإجتماعيّة تجاه الحيّ الذي هي فيه.
• البيئة وملوّثاتها: مصانع الإسمنت والحديد وغيرها يجب أن تكون بعيدةً عن المنطقة السكنيّة.
• الشركة تعيل قَدرًا من السكّان إذ يعمل فيها نسبة معيّنة من المحيطين بها.
• كمُصنِّعٍ أقوم بندواتٍ في المدارس لتعريف وتثقيف المجتمع.
• يُلزَم صاحب المصنع بزياراتٍ ميدانيّةٍ لكافّة البيوت والمساكن ليعرّفَهم بالصناعة وأهمّيتها”.
لا نستخفنّ بمفهوم المعاملة بالمِثل، برأس المال الإجتماعيّ، بالعضويّة التعاونيّة، بالمنافسة البنّاءة، بالحفاظ على البيئة وحمايتها… وكلّنا رجالٌ ونساءٌ مسؤولون، إبتداءً من رعاية اقتصاد المنزل إلى ساحة العمل والمعترك اليوميّ.
يخبرُنا باسم: “هناك شخصٌ في الشركة التي أعمل فيها بحاجةٍ لمبلغٍ من المال يُتيحُ له تسديدَ الأقساط المدرسيّة لأولاده. قرّرتُ أن أساعدَه، فمن المُمكن أن أساهمَ بشيءٍ ولو زهيدٍ على الصعيد الفرديّ. ولكن ماذا لو أشركتُ الآخرين، سوف نحقّقُ الهدف بشكلٍ أكبر. شاركتُ زملائي بالفكرة وأتت الموافقة جماعيّة. وَضعنا صندوقًا مشتركًا نساهم فيه بجزءٍ من معاشاتنا، فنساعد العامل الزميل على سدّ حاجاته حتّى يتمكّن من الإستمرار. نعم، إنّ الإقتصاد لا يقوم فقط على تحقيق أرباحٍ مادّيّة، ولكنّه يعرف كيف يوجّه أنظاره إلى الأكثر احتياجًا”.إنّ مساعدة أكثر الناس بُؤْسًا وإعادة اندِماجِهم بشكلٍ كاملٍ في المجتمع، هو مثلُ دُوَيْرات، فَلَكُها القلبُ النابض حياةً وعطاءً. هذه النظريَّة الجديدة للإقتصاد تستند على عَيْشِ مبدأ التبادُل والمشاركة، ومَنْح السعادة والطمأنينة والثقة، من أجل أن يُرَدَّ لكرامة الإنسان اعْتِبارُها. يجب دمجُ عقلِ وقلبِ رائدِ الأعمال، وكلّنا روّاد، في عمليّات الإقتصاد المدنيّ من أجل تحقيق أكبر الأهداف، أي رعاية الأرض، بيتنا المشترك، وسكّانِها وصولاً الى آخر منسيٍّ بلا استثناء.
إعداد ريما السيقلي