فِي ذلِكَ الْوَقْتِ أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، لأَنَّكَ أَخْفَيْتَ هذِهِ عَنِ الْحُكَمَاءِ وَالْفُهَمَاءِ وَأَعْلَنْتَهَا لِلأَطْفَالِ. نَعَمْ أَيُّهَا الآبُ، لأَنْ هكَذَا صَارَتِ الْمَسَرَّةُ أَمَامَكَ. كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي، وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الابْنَ إِلاَّ الآبُ، وَلاَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الآبَ إِلاَّ الابْنُ وَمَنْ أَرَادَ الابْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ. تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ. لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ». (متّى ١١: ٢٥-۳٠)
يخبرُنا يسوع أنّ السبيلَ لقبول هذه الراحة يكمُنُ في ثلاث خطوات:
• تعالوا إليَّ
• إحملوا نيري عليكم
• تعلّموا منّي
تعالوا إليًّ
كي نذهبَ إلي يسوع لا بدَّ من أن نضعَه نُصبَ أعيُنِنا حتّى لا نُضلَّ الطريق، ونعرفَ جيّدًا مقدارَ محبّته لنا. فهو يُحبّنا إلى أقصي درجات الحُبّ وعلينا أن نثقَ في محبّته هذه، رغم الصعوبات والآلام، لأنّ محبَّته أكبر بكثيرٍ من كلّ شيء، وأكبر من كلِّ خطايانا. لنذهبْ إليه بمِلْءِ الثقة في محبّته وصلاحِهِ غير المحدود.
إحملوا نيري
ألنير هو ما يوضع علي عنق الثور عندما يقومُ بحراثة الأرض. طبعًا إنّ المقصودَ هنا هو حفظُ الوصايا والعمل بها، وأظنّ أن هناك معنى آخر وهو الإستعداد للعمل في حقل الربّ، فالربّ يرغبُ أن يستخدمَكَ في حقله.
“كان هناك من يتحدّث في نفسه ويقول: “إنّي ما زلت صغيرَ السنّ، وها أنا مربوطٌ مقيّدُ الحريّة. لا أستطيعُ أن أقومَ بأيّ عملٍ لحداثة سنّي. لا يهتمُّ الناسُ لأمري ولا حتّى يعطونني فرصةً للعمل! لكن ما هذا الذي يحدُث؟! شخصان غريبان أتيا ليحُلاّ وِثاقي! آه (بألم)… لقد تدخّل صاحبي، سيرفضُ أن أرحلَ معهما، فهو يراني صغيرًا كي أذهب للعمل. ماذا؟ وافقَ على الفور عندما همسا في أذنيه بضعَ كلمات! هيـــــــــه (بفرح)… سأذهبُ معهما، أخيرًا إعترف أحدُهُم بي فيا هنائي ويا سعدي! أنا فرحانٌ جدًّا، وكلُّ الناس حولي فرحين لفرحي! يحتفلون بي ويغطّونني حتّى يجلسَ على ظهري ذلك الرجل، يفرشون الأرضَ بثيابهم حتّى أسير، يُهلّلون ويُمسِكون بفروع الأشجار والنخيل، إنّ العالمَ كلَّه يحتفلُ بي. لكن أُنصُتْ… إنّي أسمعُ شخصين يتحدّثان، أحدُهما يسأل: “من هو هذا؟”، ويردُّ عليه الآخر: “إنّه يسوع الناصريّ الذي أقام لعازر بعد موته بأربعة أيّام”. أسمع الأطفال والناس يهلّلون ويهتفون: “مباركٌ الملكُ الآتي بإسمِ الربّ”! آه، أخيراً فهمت ، إنّهم لا يهتفون لي، بل لمَنْ أحملُهُ، يسوعُ المسيح ملكُ الملوك وربُّ الأرباب! هنيئًا لي ليس لأنّي أصبحت حمارًا كبيرًا، بل لأنّ الربّ شرّفني بأن أخدمَه وأحملَه. فلستُ أنا الذي أدخلتُ يسوع إلى أورشليم، بل الربّ يسوع هو الذي استخدَمَني ليدخُلَ أورشليم”.
تَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْب
قَبِلَ يسوع أن يأخذَ صورة المخلوق وهو الخالق، ويتجسَّدَ ويولدَ في مِذود. صُلِبَ مع اللصوص ولم يحاولْ أن يدافعَ عن نفسه حتّى يَمْنَحَنا الخلاص الأبديّ. قَبِلَ أن يحدَّهُ قبرٌ وهو واهبُ الحياة، ليعطينا روحَ الغلبة والإنتصار حتّى على الموت. بقيَ في الخبز والخمر كي يُعطيَنا إمكانيّة الإتّحاد به.
إطرحْ عنكَ روح اليأس جرّاء ضعفك، وجدّد ثقتكَ في محبّته ورحمتِهِ لكَ وللآخرين، وافعلْ مثل العذراء وكُنْ بمنتهى التواضع ودَعْهُ يحيا فيك. قدِّمهُ للآخرين، كما فعلَتْ العذراء، كُنْ عذراء أخرى تلدُ يسوع وتُعطيه للعالم. قُمْ بحماية يسوع وارْعاه في قلبِكَ كما فَعَلَ القدّيس يوسف النجّار، وقلْ: “يا ربّ، ماذا تريدُ أن أفعل؟” في كلّ أمور حياتِك، وحينما تنجح لا تفتخِرْ بقُدرَتِكَ بل من يَفْتخِرْ فليفْتَخِرْ بالربّ.
وهذه هي الراحةُ العظمى: أن يكونَ حيًّا فينا. عندها فقط نستطيعُ أن نُغنّيَ مع القدّيس بولس ( رومية ٨: ۳١-۳٩)
“فَمَاذَا نَقُولُ لِهذَا؟ إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا، فَمَنْ عَلَيْنَا؟ اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ، بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ، كَيْفَ لاَ يَهَبُنَا أَيْضًا مَعَهُ كُلَّ شَيْءٍ؟ مَنْ سَيَشْتَكِي عَلَى مُخْتَارِي اللهِ؟ اَللهُ هُوَ الَّذِي يُبَرِّرُ. مَنْ هُوَ الَّذِي يَدِينُ؟ اَلْمَسِيحُ هُوَ الَّذِي مَاتَ، بَلْ بِالْحَرِيِّ قَامَ أَيْضًا، الَّذِي هُوَ أَيْضًا عَنْ يَمِينِ اللهِ، الَّذِي أَيْضًا يَشْفَعُ فِينَا. مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضَيْقٌ أَمِ اضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ:«إِنَّنَا مِنْ أَجْلِكَ نُمَاتُ كُلَّ النَّهَارِ. قَدْ حُسِبْنَا مِثْلَ غَنَمٍ لِلذَّبْحِ». وَلكِنَّنَا فِي هذِهِ جَمِيعِهَا يَعْظُمُ انْتِصَارُنَا بِالَّذِي أَحَبَّنَا. فَإِنِّي مُتَيَقِّنٌ أَنَّهُ لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ، وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ رُؤَسَاءَ وَلاَ قُوَّاتِ، وَلاَ أُمُورَ حَاضِرَةً وَلاَ مُسْتَقْبَلَةً، وَلاَ عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ، وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى، تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا”.
أشرف عبد المسيح