إنتفاضة الرأفة
“هذه الليلة، الساعة الثالثة صباحًا تجمّدتْ امرأة من الصقيع حتّى الموت على الرصيف في شارع سباستوبول، وفي يدها إشعارُ الإخلاء الذي جعلها بلا مأوى… كثيرون يتحمّلون البرد القارس دون طعام، دون مأوى! أيّها الإخوة هلمّوا للمساعدة! تعالوا نفتح مراكزَ جديدة تأوي المشرّدين، ولنضَعْ فوق أبواب هذه المراكز لافتاتٍ تقول: “إذا كنتَ تعاني،أدخلْ، كُلْ، نَمْ، إسَتَعدِ الأمل، ها أنتَ محبوب”.
إنّه النداءُ الإذاعيّ الشهير للأب بيير l’abbé Pierre في ٤ فبراير ١٩٥٤ في باريس، أطلقَ فيه إحدى أكبر مبادرات العطاء، “إنتفاضة الرأفة”. وكانت الشرارة الأولى لإنشاء “مؤسَّسة الأب بيير” من أجل تأمين المأوى للأشخاص الأكثر فقرًا في فرنسا.
لكن مَن هو الأب بيير؟ هو كاهنٌ فرنسيٌّ أمضى حياته في خدمة المهمّشين. بدأت مسيرتُهُ سنة ١٩٤٩ حين استقبل في مكان سَكَنِهِ بعض المشرّدين مؤسِّسًا بالتالي أوّل جماعةٍ عُرفت ب”جماعة عمّاوُس”، بهدف مساعدتهم على اكتشاف معنًى لحياتهم من خلال إيجاد عملٍ لهم. كانوا يعملون على إعادة تأهيل الأشياء التي يمكنُ إصلاحَها ثمّ بَيْعَها. إنتشرتْ “جماعة عمّاوُس” في العالم وبقِيَ الأب بيير رمزًا للعطاء والشجاعة والخدمة المجّانيّة.
من أقواله الشهيرة:
“العنف ليس في الضربات، بل في النظام القائم الذي لا نريد إعادة النظر به ونرفض تغييره”.
“قبل أن نتصرّف يجب أن نضع نفسنا مكان الآخر. إنّها القاعدة الأساس التي بدونها يستحيل السعي للخير العام”.
“إذا كنتَ تعرف كل شيء، لكن لا تعرف ألم البؤساء، تكون حاكمًا كارثيًّا”.
“عندما لا يَعُد بإمكانك أن تحب، يمكنك أن تأمل ! وعندما لا تقوى على الأمل، يمكنك أن تؤمن” !
“المرض العضال والأكثر فتكًا والأكثر تجاهلًا هو اللامبالات”.
“لِيَكن للجياع خبزًا ولِيَكن مَنْ لديهم الخبز جياعًا للعدالة والمحبًة”.
“ما مِن حرب تُربح، أيًّا كانت. لا تكشف ساحات الحرب سوى جنون الأنسان ويأسه”.
“لا يكمن الظلم في عدم المساواة، بل في عدم الشراكة”.
“يجب أن يولد القانون من الحياة، لا أن يجمّدها”.
“سأظلّ أؤمن حتّى لو فقد الجميع كلّ أمل.
سأظلّ أبني حتّى لو هَدَم الآخرون. سأظلّ أتكلّم عن السلام حتّى وسط الحرب. سأظلّ أزرع حتّى لو كان الجميع يدوسون الزرع. لا يكمن الظلم في عدم المساواة بل في عدم المشاركة”.

“أيّها الرب يسوع، تذكّر ذاك البيت الصغير هناك في عمّاووس والدرب التى تقود إليه.
تذكّر الذين مشيْتَ معهم على هذا الدرب.
تذكّر كلامك الذي أشعل النار في قلوبهم.
تذكّر الموقد الذي جلستم بقربه، وكيف نهضوا بعدها أناسًا جددًا وانطلقوا في مسيرة حب بطوليّة.
أنظر إلينا. نحن حجّاج عمّاووس ! نعمل ونتعب في ظلمة الليل.
رافقنا على دربنا. أشعل قلوبنا… إجلس قرب موقدنا…
كي تبتهج نفوسنا فرحًا، كي ننهض نحن أيضًا حاملين الفرح لكلّ إنسان في العالم”.

إعداد حياة فلاّح

 

Spread the love