إلى صديقي
أعلمُ يا صديقى أنك تمرُّ بتلك الظلمة الداخلية…
نعم، أستطيعُ أن أشعُرَ بكَ، وأتفهَّمَ مقدار المعاناة.
يُمكننى أن أتخيَّلَ كم تَسْتَنْزِفُكَ صراعاتُكَ الداخليّة، كم تُرهقك وتُثقلُ روحَكَ…
أراك مُحاطًا وغارقًا فى أفكارك، أراكَ معذَّبًا وأنتَ بالكادِ تلاحقُ مصارعَتَهُا.
أشعرُ بكَ وأنتَ تلهثُ خلف مخاوفِكَ وشكوكِكَ
أشعرُ باحتياجكَ للحُضن، إحتياجُكَ لمن يحتويكَ ويفهمك ولا يقلّل من ألمِكَ
أشعرُ بأفكار الخزى وهى تأكلُ نفسَكَ، هذه الأفكار التى ترمي كلَّ اللّومِ وكلَّ الذنبِ عليكَ
أشعرُ بأفكار اليأس وهى تطرحُكَ أرضًا قائلةً أنّ لا وجودَ لنورِ الأمل خارج تلك الحفرة المظلمة التى تغرق فيها،
ولكن، أعتقد أنّ دوري كرفيقٍ لكَ فى رحلتِكَ الداخليّة أن أذكرَّكَ بهذا النور، أذكرّكَ بأنّك لستَ ذلك الظلام، وبأنّ تلك الحفرة اللعينة ليست جُزئًا من روحِكَ الجميلة، بل هى مجرّد مرحلةٍ مهما طالتْ، ستزول…
أعلم أنّك مَلَلْتَ منها، أعلم أنّك تصارعُ لِتؤمِنَ بوجود نورٍ خارج تلك الحفرة
وأعلمُ كم أنّ تلك الحربَ التى تخوضُها شاقّةٌ ومُرْهِقة، وأنّك تصارعُ لتبقى واقفًا مكانَكَ…
أعتذر ياصديقى، فلا أملكُ وعظًا، أو أفكارًا معجزيّة تساعدُكَ أن تتخلّصَ من تلك الحفرة بسرعة.
للأسف، لا أملكُ غير وجودي معكَ بكامل كياني
لا أملكُ إلاّ أن أجلسَ معك فى ظلامِك، عسى أن تُدركَ أنّكَ لستً وحيدًا فى ألَمِكَ.
أرجوكَ يا صديقي لا تستسلمء… فما هي الحياة إلاّ مراحل متقلبّة من الظلام والنور، مراحل صحراويّة وواحات خضراء… ولكن هذا ما يجعلُها حياةً حقيقيّة. وصراعُكَ هذا هو ما يجعلُ وجودَكَ حقيقيًّا وليس وجودًا هاربًا من الواقع او مزيِّفًا له!
أصلّي أن يَحضُنَكَ الله فى ظلامك، وأن يُريكَ ملامحَ من ذلك النور الذى ينتظرُكَ…
بقلم رفيق رئيف