إذا فَهِمها أحد

جوهرُ الحياة المسيحيّة هو أن نكتشفَ “مَن هو” يسوع، هو أن ننظُرَ بِعَيْنَيْه، ونشعُرَ ونُحبَّ ونفكّرَ ونتألّمَ ونعيشَ مثل يسوع، ومعه نُحبُّ الآب والأخوة. ومَن له في هذا المجال خبرةٌ أعمق من خبرة مريم؟
إذا نظرْنا ليسوع بعيون مريم تُعَلِّمُنا هي بذاتها كيف نكون من أتباع يسوع، أي أن يكون قلبُنا مثلَ “وعاءٍ فارغٍ” مُنفتح، وعنده الثقة الكاملة والجهوزيّة التامّة لإستقبال هبات الله، تَشبُّهًا بمريم التي قالت “نَعَم” في البشارة ورَدّدَتْها مئات المرّات في الأفراح والآلام، في النور والظلمة وعند أقدام الصليب وحلول الروح القُدُس يوم العنصرة.
كيف نتشبّه عمليًّا بمريم، وفي أيّ مجال؟
نريدُ أن نتشبَّهَ بها في مِيزتها الرئيسيّة، أي ميزة الأمّ، فهي أمُّ يسوع، وأمُّنا روحيًّا. وهذا يعني أنّه علينا أن نتّخذ قرارًا يُحيينا. وقراري هو أن أتصرّف مع كلّ مَن ألتقي بهم أو أعمل لأجلهم، كما لو أنّي أمّهم. فلو كان لدينا قلبُ أمّ، أو بالأحرى، لو حاولنا أن يكونَ لدينا قلب مريم، الأمّ المثلى، سوف نكون دومًا مستعدّين لأن نُحبَّ الآخرين في كلّ الظروف. وهذا يسمح للقائم من الموت أن يعيش فينا، وبالتالي أن يَملُكَ ويكون هو في وسطنا.
لو كان لدينا قلب هذه الأمّ، لن نكتفيَ بمحبّة أعضاء كنيستنا، ولكن سوف نُحبّ أيضًا أعضاء الكنائس الأخرى. ودون أن نتوقّف عند المسيحيّين سنحبّ أيضًا المسلمين والبوذيّين والهندوس… وكلّ البشر ذوي الإرادة الطيّبة وكلّ البشر في كوكبنا، لأنّ أمومة مريم عالميّة شاملة، كالخلاص. وإذا فَهِمَها أحدٌ، فَلحُسنِ حظِّه، إنّها تخطفُه وتُدخِلُهُ مملكةَ سلامِها.
لِنجْهَد منذ الآن بحيث لا نبقى صغارَ الروح، ذوي حُبٍّ لا يتعدّى التوسُّلَ والطَلَبَ والاستغاثة والمصلحة، بل، إذ نتعرّف عليها قليلاً، نتمكّنُ من تمجيدها في حياتنا.

كيارا لوبيك

Spread the love