أُحِبّ، لأنّني بحاجةٍ أن أُحَبّ؟
بالرغم من كَوْنِنا مسيحيّين مُلتزمين، يبدو أنّه غالبًا ما ننتظر دائمًا شيئًا من الآخرين، أو أنّنا نُحبّ الآخرين لأنّنا بحاجةٍ كي نفعلَ ذلك. على سبيل المثال، نعرف كيف نقدّمُ فِكرَتَنا بلطفٍ ورقّةٍ كي يَقْبَلَها الآخَر بسهولة. وأحيانًا نقوم بأعمالٍ حسنةٍ من أجل الآخرين لِنَشعُرَ أنّنا أشخاصٌ جيّدون… فهل هناك حبٌّ حقيقيّ، مُتجرّد؟ أم أنّنا أنانيّون بالجوهر؟
إنّ غريزةَ الحفاظ على الذات تجعلُنا نفكّر بأنْفُسِنا أوّلاً، لا بل نحن نضعُ حواجزًا نَحْتَمي وراءها ونحاولُ توسيعَ مساحَتِنا الخاصّة حتّى ولو أخذنا شيئًا من مساحة الآخر… وهكذا نلتقي بالآخرين من دون أن نلتقي بهم حقيقةً.
حتّى إن كنّا نؤمن بالأخوّة الشاملة ونريدُ بناءَها، يمكنُ أن نتأثّرَ بنزعة الحفاظ على الذات، فنحبُّ الآخرين، ربّما أكثر من غيرنا، ولكن، قد لا يكون حبُّنا حقيقيًّا. فعندما أقوم بأعمالٍ إيجابيّةٍ ومُحِبَّةٍ من أجل مصلحتي الشخصيّة، فأنا لا أُحبُّ حبًّا حقيقيًّا.
كيف يمكن إذًا أن نحبَّ حقًّا؟ هل يجبُ أن نكونَ ملائكة؟ يبدو أنّ نسيانَ ذواتِنا أمرٌ شبه مستحيل… فهناك قوّةٌ تردُّنا دائمًا إلى أنانِيَّتِنا. لكنّه صحيحٌ أيضًا، لا بل من الأصحّ أن نقول إنّنا نملكُ في داخلنا في ال DNA خاصّتنا، القدرة على العطاء والأخذ. هي قدرةٌ تكتشفها في أمثلةٍ كثيرةٍ عن العطاء للآخر، من أجل الآخرين، من دون أيّ نوعٍ من المصلحة الشخصيّة. نختبرُ ذلك عندما نُحبّ مُتخطّينَ ذاتنا، لِنَفهَمَ، ونساعِدَ ونسانِدَ من هُمْ حولنا. إنّه واقعٌ يُنيرُ حياتنا. عندما نختار بكلّ حرّيّة أن نحبَّ من دون أن ننتظِرَ بالمقابل، رافضينَ كلّ انغلاقٍ على ذاتنا، كلَّ أنانيّة، فنحن نمارسُ الحرّيّة الحقيقيّة التي تجعلُنا قادرين أن نُحبَّ حبًّا نقيًّا حقًّا.
فرانشسكو شاتل