أيُّ مستقبلٍ لِمُجتمَعٍ مُتَعَدِّدِ الثقافات والأعراق والديانات
“أيُّ مُستقبلٍ لمجتمعٍ مُتَعَدّدِ الثقافات والأعراق والديانات”، عنوانُ مداخلةٍ قَدَّمَتْها كيارا لوبيك مُؤَسِّسَة الفوكولاري في حزيران ۲۰۰٤ في القاعة المركزيّة لل “وستمنستر”. سنة ۱۹٣١، تمّ في هذه الصالة أوّلُ لقاءٍ للأمم المتّحدة بعد الحرب العالميّة الثانية، وشهدت على خطاب المَاهَتْمَا غاندي الذي حاكى فيه العقول والقلوب بضرورة الحوار بين أشخاصٍ من انتماءاتٍ مختلفة.
نوردُ في ما يلي مقطعًا من مداخلة كيارا، بخاصّةٍ أنّ الحوارَ باتَ واجبًا حيويًّا بالنسبة إلى عالم اليوم:
“…إنّ الإنسانَ في استعدادٍ دائمٍ للتعلُّم. ومن المُمْكِنِ حقًّا، أن نتعلَّمَ دومًا أمورًا جديدةً من الآخرين. هذا النوع من الانفتاح يسمحُ للآخر أن يُعبّرَ عن نفسهِ بحُريَّة، لأنّه يشعرُ أنّه مقبولٌ ويستطيعُ أن يقدّمَ لنا مكنوناتِ ذاته، إذ يجدُ فينا أشخاصًا قادرين على الإصغاء. وهكذا يُمكِنُنا أن نتعرّفَ على إيمانه وثقافته ولُغَته، يمكننا أن ندخُلَ إلى عالمه ونَنْثَقِفَ ونُغْنِيَ بعضنا بعضًا. مع أشخاصٍ يتحلّون بهذا الفكر والاستعداد، سوف تحمل مجتمعاتُنا المتعدّدة الثقافات، ثقافاتٍ منفتحةٍ على بعضها البعض وفي علاقة حُبٍّ في ما بينها.
هذا الإنفتاح المِضْياف يحثُّ محاورَنا على الإصغاء إلينا. لقد لاحظنا بالفعل أنّنا عندما نموتُ عن أَنْفُسِنا لنكونَ واحدًا مع الآخرين، يستغربُ هؤلاء ويطلبون إيضاحًا. فنبلُغُ بذلك إلى ما أسماه البابا يوحنّا بولس الثاني بـــ”البشارة المحترمة”. الإحترام هو الكلمة المفتاح لكلّ حوار، تدفعُنا إرادةُ صدقٍ نحو الله ونحو ذواتنا ونحو الآخر. نحن نَعْرُضُ على محاوِرِنا ما يقوله إيمانُنا عن الموضوع المتداول، من دون إرغامٍ أو ضغطٍ في التبشير، بدافع الحُبّ وحسب.
عندما نتكلّمُ بمحبّة، سَيُولّدُ الروحُ القُدُس الحاضر بيننا، في قلب الإخوة “بذورَ الكلمة” التي زرعها اللهُ في الديانات كلّها. سوف يكتشفُ إخوتُنا وجودَ قِيَمٍ إنسانيّةٍ زرعها الربّ في الثقافات كلّها وأهداها لكلّ إنسان. وعندها، مُتّكلينَ على هذه البذور أو على هذه القِيَم، نستطيعُ أن نقدّمَ بلطفٍ مظاهرَ الحقيقة التي نؤمنُ بها والتي قد تكونُ مُشْتَرَكةً مع ما يؤمنُ به محاورُنا.
لقد قدّم لنا الأخ فكرة، وها نحن نُقدّمُ له فكرةً أخرى. وفي هذا الجوّ من التبادُلِ والشراكة، تتّضحُ الحقيقةُ شيئًا فشيئًا وتجمعنا…
(…) لقد اختبرنا مرّاتٍ عدّة هذا النوعيّة من الحوار الخصب مع أشخاصٍ من ثقافاتٍ مختلفة، ومع جماعاتٍ من المؤمنين من دياناتٍ مختلفة.
فهؤلاء الأشخاص، لأنّهم يتمرّنون على مفهوم الوحدة، أصبحوا أصدقاءً لنا، وصارت جماعاتُهم قريبةً من جماعَتِنا. ولقد بَنَيْنا معًا علاقاتِ أخوّةٍ متينة. وأخُصُّ بالذِكْر، الحركة البوذيّة ريشو كوزي كايْ التي تضمُّ ستّة ملايين عضو، والحركة الإسلاميّة للمجتمع الأميركيّ الإسلاميّ التي تعدُّ مليونين عضو.
إنّ الأخوّة الحقيقيّة هي ثمرةُ هذه المحبّة التي تعرف كيف تصبحُ حوارًا، وعلاقةٌ نابعةٌ من تصرّفٍ بعيدٍ عن الإنغلاق، منفتحٍ على الآخرين ومتعاونٍ مع ذوي الإرادات الحسنة، لنبنِيَ معًا الوحدة والسلام في العالم…”
أعطت كذلك كيارا إيضاحًا حين طُرحَ عليها سؤالٌ يخصُّ الملحدين، وهو يتعلّق برغبةٍ عند المؤمنين بأنْ يلاقِيَ كلُّ ملحدٍ اللهَ من خلال الحوار. فقالت: “يمكن لهذه الرغبة أن تكونَ موجودة، لأنّ الإيمان يعطي السعادة والفرح ونحن نعيشُ ذلك. لقد وَعَدَنا يسوع بِمِلْءِ السعادة. فمن الطبيعيّ عندما نلتقي بأخٍ لا يعيشُ هذا الفرح، أن نقولَ له: “تعال وافْعَلْ مثلنا”. ولكن، حتّى ولو انْتابَنا هذا الشعور، علينا أن نتخلّى عنه، لأنّ هكذا تبشير، ليس محبّة، فهو محبّةُ الذات، محبّةُ جماعتنا، محبّةُ كنيستنا، في حين يجبُ أن نُحبَّ الآخر. علينا إذًا أن نُلغِيَ هذا الشعور، كما أنّنا لا نعلم، في مخطّط الله، ما سَيُقَدّمُهُ لنا هؤلاء الأشخاص من قِيَمٍ يؤمنون بها، ونحن بحاجةٍ لها لِنَغْتَني. فنحن نعتبرُ أنّنا حصلنا على ثقافةٍ مسيحيّة، لكنّنا ما زلنا نجهلُ معنى العدالة والإنصاف والاقتصاد الصحّي الذي يُعنى بخاصّةٍ بمن هم الأفقر”.
نوردُ في ما يلي مقطعًا من مداخلة كيارا، بخاصّةٍ أنّ الحوارَ باتَ واجبًا حيويًّا بالنسبة إلى عالم اليوم:
“…إنّ الإنسانَ في استعدادٍ دائمٍ للتعلُّم. ومن المُمْكِنِ حقًّا، أن نتعلَّمَ دومًا أمورًا جديدةً من الآخرين. هذا النوع من الانفتاح يسمحُ للآخر أن يُعبّرَ عن نفسهِ بحُريَّة، لأنّه يشعرُ أنّه مقبولٌ ويستطيعُ أن يقدّمَ لنا مكنوناتِ ذاته، إذ يجدُ فينا أشخاصًا قادرين على الإصغاء. وهكذا يُمكِنُنا أن نتعرّفَ على إيمانه وثقافته ولُغَته، يمكننا أن ندخُلَ إلى عالمه ونَنْثَقِفَ ونُغْنِيَ بعضنا بعضًا. مع أشخاصٍ يتحلّون بهذا الفكر والاستعداد، سوف تحمل مجتمعاتُنا المتعدّدة الثقافات، ثقافاتٍ منفتحةٍ على بعضها البعض وفي علاقة حُبٍّ في ما بينها.
هذا الإنفتاح المِضْياف يحثُّ محاورَنا على الإصغاء إلينا. لقد لاحظنا بالفعل أنّنا عندما نموتُ عن أَنْفُسِنا لنكونَ واحدًا مع الآخرين، يستغربُ هؤلاء ويطلبون إيضاحًا. فنبلُغُ بذلك إلى ما أسماه البابا يوحنّا بولس الثاني بـــ”البشارة المحترمة”. الإحترام هو الكلمة المفتاح لكلّ حوار، تدفعُنا إرادةُ صدقٍ نحو الله ونحو ذواتنا ونحو الآخر. نحن نَعْرُضُ على محاوِرِنا ما يقوله إيمانُنا عن الموضوع المتداول، من دون إرغامٍ أو ضغطٍ في التبشير، بدافع الحُبّ وحسب.
عندما نتكلّمُ بمحبّة، سَيُولّدُ الروحُ القُدُس الحاضر بيننا، في قلب الإخوة “بذورَ الكلمة” التي زرعها اللهُ في الديانات كلّها. سوف يكتشفُ إخوتُنا وجودَ قِيَمٍ إنسانيّةٍ زرعها الربّ في الثقافات كلّها وأهداها لكلّ إنسان. وعندها، مُتّكلينَ على هذه البذور أو على هذه القِيَم، نستطيعُ أن نقدّمَ بلطفٍ مظاهرَ الحقيقة التي نؤمنُ بها والتي قد تكونُ مُشْتَرَكةً مع ما يؤمنُ به محاورُنا.
لقد قدّم لنا الأخ فكرة، وها نحن نُقدّمُ له فكرةً أخرى. وفي هذا الجوّ من التبادُلِ والشراكة، تتّضحُ الحقيقةُ شيئًا فشيئًا وتجمعنا…
(…) لقد اختبرنا مرّاتٍ عدّة هذا النوعيّة من الحوار الخصب مع أشخاصٍ من ثقافاتٍ مختلفة، ومع جماعاتٍ من المؤمنين من دياناتٍ مختلفة.
فهؤلاء الأشخاص، لأنّهم يتمرّنون على مفهوم الوحدة، أصبحوا أصدقاءً لنا، وصارت جماعاتُهم قريبةً من جماعَتِنا. ولقد بَنَيْنا معًا علاقاتِ أخوّةٍ متينة. وأخُصُّ بالذِكْر، الحركة البوذيّة ريشو كوزي كايْ التي تضمُّ ستّة ملايين عضو، والحركة الإسلاميّة للمجتمع الأميركيّ الإسلاميّ التي تعدُّ مليونين عضو.
إنّ الأخوّة الحقيقيّة هي ثمرةُ هذه المحبّة التي تعرف كيف تصبحُ حوارًا، وعلاقةٌ نابعةٌ من تصرّفٍ بعيدٍ عن الإنغلاق، منفتحٍ على الآخرين ومتعاونٍ مع ذوي الإرادات الحسنة، لنبنِيَ معًا الوحدة والسلام في العالم…”
أعطت كذلك كيارا إيضاحًا حين طُرحَ عليها سؤالٌ يخصُّ الملحدين، وهو يتعلّق برغبةٍ عند المؤمنين بأنْ يلاقِيَ كلُّ ملحدٍ اللهَ من خلال الحوار. فقالت: “يمكن لهذه الرغبة أن تكونَ موجودة، لأنّ الإيمان يعطي السعادة والفرح ونحن نعيشُ ذلك. لقد وَعَدَنا يسوع بِمِلْءِ السعادة. فمن الطبيعيّ عندما نلتقي بأخٍ لا يعيشُ هذا الفرح، أن نقولَ له: “تعال وافْعَلْ مثلنا”. ولكن، حتّى ولو انْتابَنا هذا الشعور، علينا أن نتخلّى عنه، لأنّ هكذا تبشير، ليس محبّة، فهو محبّةُ الذات، محبّةُ جماعتنا، محبّةُ كنيستنا، في حين يجبُ أن نُحبَّ الآخر. علينا إذًا أن نُلغِيَ هذا الشعور، كما أنّنا لا نعلم، في مخطّط الله، ما سَيُقَدّمُهُ لنا هؤلاء الأشخاص من قِيَمٍ يؤمنون بها، ونحن بحاجةٍ لها لِنَغْتَني. فنحن نعتبرُ أنّنا حصلنا على ثقافةٍ مسيحيّة، لكنّنا ما زلنا نجهلُ معنى العدالة والإنصاف والاقتصاد الصحّي الذي يُعنى بخاصّةٍ بمن هم الأفقر”.
المدينة الجديدة