أنا في حيرة
زوجي متعلّقٌ جدًّا بنشاطاته الرياضيّة وأسفاره مع أصدقائه إلخ… وهذا يُبعدُه عنّا، أنا وابْنَتُنا الصغيرة. إلى أيّ مدى يجب أن أجاريه في هذا النمط من الحياة؟ وماذا عن مسؤوليّاته داخل العائلة؟ أريدُ أن أحبًّه حبًّا مجّانيًّا لكنّني، في الواقع، في حيرة… لا أعرفُ ماذا يجب أن أفعل…
قرأتُ يومًا جملةً صغيرة، أعطت نكهةً جديدةً لحياتي الروحيّة. تقول: “ّفي الحبّ، المهمّ أن نُحِبّ”. بضعُ كلماتٍ تُسلّط النور على جمال الحبّ الحقيقيّ الذي لا يشترطُ مقابلاً. من ناحيةٍ أخرى، من الطبيعيّ أن تَرْغَبي كزوجة، أن يُحبَّكِ زوجُك، ولو كان العكس، لكان هذا الأمرُ غير طبيعيّ.
في الواقع، للحُبّ وجهان: أن نُحِبّ وأن نُحَبّ. فكيف نُوفّق بين مجّانيّة الحُبّ والحاجة الطبيعيّة بأن نُحَبّ بالمقابل؟
أنت تشعرين بالتناقض بين رغبتك المحقّة وبالحاجة أن تتشاركي مع زوجك أوقات الفراغ وتحملان معًا مسؤوليّتكما تجاه إبنتكما والإهتمامات اليوميّة إلخ.. تشعرين أن زوجك لا يفهمك أو لا يحبّك كفاية.
من المؤكّد أن التبادليّة داخل الثنائي تنبع من الحبّ المجّاني، إنّها حقيقةٌ معترفٌ بها ولقد اختبرتها عائلاتٌ كثيرة. لذا، على أحدهما أن يَخطوَ الخطوةَ الصّائبة، أي أن يُحبَّ حبًّا متجرّدًا، صادقًا، يحترم متطلّبات الآخر حتّى لو بدا له أنّها فرديّة أو أنانيّة… وحده هذا النوع من الحُبّ يُمكنه أن يكون منارةً للآخر. إن فعلتِ ذلك، سيفكّرُ زوجُكِ أكثر فأكثر، ويفهم بدوره حاجاتك العميقة، ويحاول أن يوازنَ بين حريّته وحريّتك ويتحمّل مسؤوليّته كزوجٍ وأب. لا يعني ذلك بتاتًا أن تتخبّطي وحدك في ألمك، بل سيدفعُكِ الحُبّ للمشاركة بألمك مع أشخاصٍ مُؤهّلين، فالمشاركة بالألم تُخفّف من وطأته. كما عليكِ أن تجدي الوقتَ المناسب والكلمات المناسبة لِتُعبّري لزوجِكِ بهدؤٍ ورِفقٍ عن رغبتك العميقة وتُعطيه الفرصة، لتصبحَ المشكلة مشتركة. إنّ ما يَهمِّ هو أن تتكلّمي بتجرّد، وألاّ تعتقدي أنّه بمجرّد أنّك عبّرتِ عمّا تشعرين وتريدين، سَيُغيّرُ زوجُكِ تصرُّفَه.
هناك عواملُ كثيرة تتعلّقُ بالطباع والتربية واختبارات الحياة التي يمكن أن تَحُدَّ أحيانًا من قدرة الآخر على التجاوب السريع… لذلك ينبغي أن تنتظري بصبرٍ وهدوءٍ هذا التغيُّر وتثابري بمحبّتة زوجك بالطريقة ذاتها. سوف تكتشفان معًا توازنًا جديدًا لكثيرٍ من أوجُهِ حياتكما العائليّة.
ماريا وريموندو سكوتو