ألن تجلسي معنا؟
مقابل بيتنا في مدينة حلب، حديقةٌ عامّةٌ صغيرة. ذات يوم أتت عائلة من النازحين من المناطق المنكوبة مؤلّفة من أمٍّ وأبٍ وثلاثة أولاد. لا مكان يذهبون إليه… سوى هذه الحديقة. يأكلون وينامون في الهواء الطلق.
قصدتُ الحديقة لأسلّمَ عليهم وسألت الأمّ: “كيف حالكِ يا جارة؟ أيلزَمُكِ شيْ؟”
بالطبع قالت إنّهم يتدبّرون أمرهم. لكنّني صرت أحملُ لهم يومًا بعد يوم ما تيسَّرَ من مأكلٍ ومشرب، ساندويش، لبن، إلخ…
عرضَتْ عليَّ الأمّ أن تُنظّفَ ليَ البيت وأصَرَّت، ظنًّا منها أنّي أريدُ شيئًا بالمقابل. لكنّي أكّدتُ لها أنّني لا أريدُ شيئًا أبدًا.
وفي يومٍ طلبَتْ أن أحضّرَ لها بعض القهوة. حملتُ لها القهوة بكلّ سرور، فقالت: “ألن تشاركيني شِرْبَها؟”.
أعترفُ أنّني للحظةٍ تردَّدت لأنّ الحديقة على مرأى من كلّ الجيران. لكنّي جلستُ معها على الأرض أرتشِفُ القهوة وفي قلبي فرحٌ جديد.
كي تكونَ المحبّة حقيقيّة يجب أن تكونَ تامّة، كاملة، ولا تكون هكذا إلاّ إنْ كُنّا حقيقةً على مستوى مَن نُحبّ.
منى